بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد،
سلامي عليك، فهذا كتابي إليكِ يُنبئك عني وعن شوقي وعن ودّي، ولا أزيدك علما أني ما كتبته من دواة، ولا أجريتُ عليه قلما ولكنها دموعٌ وشوقٌ سالت على القرطاس وجرتْ على حركات الخواطر والأنفاس، وهبّتْ عليه حرارة كَبدي بالأشواق ووجدي بالفراق...
فبينما هي عقيقةٌ حمراء صارتْ فحمة سوداء، ألا وإن كتابي هو قلبي ولساني، أما تراه على رقة ولطف، عبارته صدقٌ، طَوَيْتُه بين يديك مقبلا عليك ينشره الشوق ويطويه...
لا يخفى أمرا ولا يكتم عزك سرا، وتلك صفات لساني وقلبي، فما الذي أبتغيه بعد، وقد بعثت إليك بالأصغرين...
إكضي!! لله درك من قال في حقك:
وعرّجْ على إكضي وقدّس من حمى # أفاضله قدما بنا حسنوا الظنا
وهنالك دارسْنا علوما تعتّقتْ # فلا غيرها أجدى فتيلا ولا أغنى
علومٌ وآدابٌ تفتّق زهرُها # وقدما تبحْبحْنا حدائقها الغنا
وعرّجْ على إكضي وقدّس من حمى # أفاضله قدما بنا حسنوا الظنا
وهنالك دارسْنا علوما تعتّقتْ # فلا غيرها أجدى فتيلا ولا أغنى
علومٌ وآدابٌ تفتّق زهرُها # وقدما تبحْبحْنا حدائقها الغنا
كلما رددت هذه الأبيات كلما ازداد شوقي واغتباطي، ورجوت أن أكون لكِ من يحسن صحبة بك...فكم من الأخبار رُويت لي فضائلك، وكم من الناقلين تلوا آيات شمائلك الحيّان، ما أشخص القلوب قبل قوالبها وأوفد عليك الأرواحُ قبل أشباحها، وهذا ما جعلني أن أكتب إليك الرّقيم أُعرب ما طُوي في قلبي...
واعلمي... هذه الكليمات فقط جزء ضئيل الذي باستطاعتي أن أعبر عنه، وأني أخرص إذا أردت أن أقولها، وإذا أردت أن أعبر عن مشاعري فربما سبعة أبحر من المداد لا تكفي لأكتب بها، وصدق من قال:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما # جعل اللسان على الفؤاد دليلا
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما # جعل اللسان على الفؤاد دليلا
يا إكضي، سمعت عنكِ وقرأت من الآثار المأثورة حولك، ما حبّبكِ إليّ، وشاقني للتعرف إليك...
إن دعوْتُ إلى مكارم الأخلاق فالقرآن وسيرة الأنبياء وحكمهم مأخذك، وإن دعوت إلى اللغة والأدب فابن مالك والحريريّ مأواك، وإن دعوت إلى اقتداء بالمصطفى عليه السلام فالبردة والهمزية أورادك والبخاري مصدرك، وإن تحدثنا عن الفقه فالخليل ونجل أبي زيد مضربك، وإن تحدثنا في تاريخك فالمعسول مرجعك، وإن تحدثنا عن العلماء والنبلاء والشعراء والأولياء فسوسُ مسكنك، وإن آثرنا كلاما في الفصاحة والبيان والنحو فالإعراب سفينتك
سفينة العلم هي الإعراب # جاهله ليس له صواب
سفينة العلم هي الإعراب # جاهله ليس له صواب
وإن ضربنا مثلا في التقوى فالمُحاسبيّ والجُنيد منبعك، قال سيبويه:
فما نفع الإعراب إن لم يكن تقا # ولا ضرّ ذا التقى لسان معجّم
فما نفع الإعراب إن لم يكن تقا # ولا ضرّ ذا التقى لسان معجّم
فما أبهرني علمكِ وصبرك وتواضعك وصدقك وإخلاصك وإنتاجك وإعطائك، وكانت حياتك كلها الجد والعمل والبر والثبات والحب والرحمة الحكمة والشرف، وحسبناك وكفى، ومن أجل ذلك تستحقين الثناء والفخر والتقدير، لقد مدحتِ نفسك قائلا:
أنا إكضي أنا إكضي # خير أرض كانت أرضي
أترى الأعلام إلا # أعلنوا الحق لإكضي
فسلوا التاريخ عنّي # فهو عدلٌ جد مرضي
فأنا المدرسة الفذ # ة أزهى فوق بعض
أنا إكضي مضرب الأم # ثال في العالم أمضي
أنا إكضي أنا إكضي # خير أرض كانت أرضي
أترى الأعلام إلا # أعلنوا الحق لإكضي
فسلوا التاريخ عنّي # فهو عدلٌ جد مرضي
فأنا المدرسة الفذ # ة أزهى فوق بعض
أنا إكضي مضرب الأم # ثال في العالم أمضي
فإذا تحدثنا في العلم فأنتِ بدره وقطره الذي لا يُزحم، ومنيره الذي منجلي وإذا تحدثنا في البلاغة فأنت التي تخطبين الألفاظ على قدور المعاني وتجتنين الألفاظ أنوارها ومن المعاني ثمارها...
إكضي بلدة كأن محاسن الدنيا مجموعة فيها، ومحصورة نواحيها، بلدة ترابها عنبر، وماؤها رحيق، وحصبائها عقيق، وهوائها نسم، بلدةٌ معشوقة السكن، رحبة المثوى، كوكبها يقظان، وحوها عريان، ويومها غداة، وليلها سحر، واسعة الرقعة طيبة الرقعة، محاسنك تجذبني ميلا، وتطربني شرفا واغتباطا بإخائك.
إذا وصف الناس أشواقهم # فشوقي إليك لا توصف
لك مني الشكر الجزيل والثناء الجميل.............
كتبه: إزهام حكيمي بن رضوان في رحاب مدرسة إكضي العتيقة
No comments:
Post a Comment